الأخطاء الشائعة في السجود: شرح موسع واستدلالات شرعية

السجود هو من أعظم أركان الصلاة، فهو موضع خضوع العبد وتذلّله بين يدي الله عز وجل. ومع ذلك، يقع الكثير من الناس في أخطاء أثناء السجود قد تؤثر على صحة صلاتهم. في هذا المقال، سنستعرض أهم هذه الأخطاء ونقدم الأدلة الشرعية والاستدلالات لتعزيز الفهم الصحيح لأداء السجود.

 1. عدم الطمأنينة في السجود

الطمأنينة هي ركن أساسي في الصلاة، وهي تعني الاستقرار والسكون في كل حركة من حركات الصلاة، بما في ذلك السجود. ومع ذلك، نجد بعض المصلين يُسرعون في سجودهم بشكل يُنقص من الطمأنينة، فينقرون السجود نقرًا دون أن يستقروا فيه. هذا الفعل يخالف السنة النبوية التي تحث على الطمأنينة في كل جزء من الصلاة.

جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم للرجل المسيء في صلاته: "ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً" (رواه البخاري ومسلم). هذا الحديث يشير إلى ضرورة الطمأنينة في السجود، وهي ركن لا بد منه لصحة الصلاة. فمن لا يطمئن في سجوده يعرض صلاته للبطلان، كما حدث مع الرجل المسيء الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة صلاته ثلاث مرات.

2. رفع أطراف القدمين في السجود

من الأخطاء الشائعة أن يرفع المصلي قدميه أثناء السجود، أو أن يثني أصابع قدميه للخلف بدلاً من وضعها على الأرض بشكل صحيح. السنة في السجود أن يسجد المصلي على أطراف أصابع قدميه، بحيث تكون ملامسة للأرض وموجهة نحو القبلة.

 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين» (متفق عليه). في هذا الحديث، يوضح النبي صلى الله عليه وسلم الأعضاء التي يجب أن تسجد على الأرض، ومنها أطراف القدمين، وهذا يدل على أن رفع القدمين في السجود يخالف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.

 3. رفع الأنف عن الأرض في السجود

من الأخطاء الأخرى في السجود رفع الأنف عن الأرض، بحيث يسجد المصلي بجبهته فقط دون أن يلامس أنفه الأرض. وهذا الفعل يخالف ما ورد في السنة من السجود على سبعة أعظم.

 قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين» (متفق عليه). في هذا الحديث، يظهر بوضوح أن الجبهة والأنف يجب أن يسجدا معًا على الأرض، وليس الجبهة فقط. فرفع الأنف عن الأرض يُعتبر نقصًا في السجود.

4. بسط الذراعين في السجود

من الأخطاء الشائعة في السجود أن يبسط المصلي ذراعيه على الأرض كما تفعل الحيوانات، فيضع مرفقيه على الأرض. هذا الفعل نُهي عنه في السنة النبوية، حيث يجب على المصلي رفع مرفقيه وعدم بسطهما.

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سجدتَ فضع كفيك، وارفع مرفقيك» (رواه مسلم). وفي حديث آخر عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب» (رواه البخاري ومسلم). هذان الحديثان يوضحان بجلاء أن بسط الذراعين في السجود يُعتبر خطأً يُشبه تصرف الحيوانات، وهو أمر منهي عنه.

5. ترك التسبيح في السجود

من الأمور المهمة في السجود التسبيح، حيث يُستحب للمصلي أن يقول: "سبحان ربي الأعلى" على الأقل ثلاث مرات. ومع ذلك، نجد بعض المصلين يتركون التسبيح وينشغلون بالدعاء فقط، وهو أمر لا يخالف السنة ولكن ينبغي ألا يكون على حساب التسبيح.

 عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «سبحان ربي العظيم» ثلاث مرات في الركوع، و«سبحان ربي الأعلى» ثلاث مرات في السجود (رواه ابن ماجه). كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء» (رواه مسلم). هذا الحديث يحث على الدعاء في السجود، ولكن ينبغي للمصلي ألا يغفل عن التسبيح، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين التسبيح والدعاء في السجود.

الخاتمة

السجود هو موضع عبودية وخضوع تام لله عز وجل، ويجب على المصلي أن يحرص على أدائه بشكل صحيح وفق السنة النبوية. فالطمأنينة في السجود، ووضع الأطراف السبعة على الأرض، ورفع المرفقين، وعدم بسط الذراعين، كلها من السنن التي يجب على المسلم الالتزام بها لتحقيق سجود صحيح وخاشع.

إن السجود ليس مجرد حركة جسدية، بل هو تعبير عن التذلل والانقياد لله تعالى. ولذا يجب علينا أن نؤدي هذا الركن الجليل على أكمل وجه، متبعين في ذلك سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، مستشعرين عظمة الموقف ومكانته عند الله عز وجل.

نسأل الله أن يتقبل صلاتنا وسجودنا، وأن يجعلنا من الخاشعين في صلاتهم والمقيمين لها على الوجه الذي يرضيه سبحانه.

المرجع:  انقر هنا للانتقال إلى صفحة المرجع 

تعليقات