يعد يوم القيامة من المسائل الغيبية التي وردت في القرآن والسنة، ولا شك في أنه آتٍ لا محالة، فقد بيّن الله عز وجل ونبيه ﷺ أن هناك علامات صغرى وكبرى تدل على اقتراب هذا اليوم. العلماء قد أشاروا إلى أن الكثير من العلامات الصغرى قد وقعت بالفعل، بينما تبقى العلامات الكبرى منتظرة، وهي تندرج ضمن الأحداث التي تنذر ببدء نهاية العالم. هذه العلامات تتطلب من المؤمن التحضير الدائم من خلال الإيمان والعمل الصالح، كما ورد في حديث النبي ﷺ عندما سُئل عن الساعة فأجاب السائل: "وماذا أعددت لها؟". وهذا يشير إلى أهمية الاستعداد بالعمل الصالح قبل أن يأتي هذا اليوم العظيم.
أنواع علامات الساعة الكبرى
تنقسم علامات الساعة الكبرى إلى قسمين: علامات مألوفة تتعلق بالبشر وأحداث يمكن تصورها، وعلامات غير مألوفة تحدث على نطاق كوني وتثير الرهبة في النفوس. سنستعرض في هذا المقال أبرز هذه العلامات بشكل تفصيلي.
العلامات المألوفة:
1. ظهور المهدي
من أولى علامات الساعة الكبرى ظهور المهدي المنتظر، وهو رجل من أهل بيت النبي ﷺ سيملأ الأرض عدلًا بعد أن ملئت جورًا وظلمًا. يتسم عصر المهدي بالرخاء والعدل، ويعيش الناس في سلام وازدهار. الأحاديث التي تتحدث عن المهدي كثيرة ومتواترة، ومنها حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، حيث قال النبي ﷺ: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي" (أخرجه أبو داود).
2. خروج المسيح الدجال
يعتبر خروج الدجال من أعظم الفتن التي ستمر على البشرية، وهو رجل أعور يدعي الألوهية ويقوم بخداع الناس بقدراته الخارقة، حتى أن النبي ﷺ وصف فتنته بأنها من أعظم المحن. وقد ورد في حديث صحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ قال: "إنه أعور وإن الله ليس بأعور" (أخرجه البخاري ومسلم).
3. نزول عيسى ابن مريم عليه السلام
من علامات الساعة الكبرى التي أخبر بها القرآن والسنة، نزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء ليقتل الدجال ويعيد الناس إلى الطريق المستقيم. عيسى عليه السلام سيحكم بالعدل ويكسر الصليب ويقتل الخنزير، كما ورد في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61]، حيث فسر العلماء هذه الآية على أنها تشير إلى نزوله كعلامة كبرى من علامات الساعة.
4. خروج يأجوج ومأجوج
يأجوج ومأجوج هم أقوام من بني آدم، وستكون فتنهم عظيمة لدرجة أنهم سيسببون دمارًا في الأرض، ولن يستطيع أحد مواجهتهم حتى يأذن الله بهلاكهم. قصة خروجهم وردت في القرآن الكريم في سورة الكهف، حيث أخبرنا الله عز وجل عن سد ذي القرنين الذي سيحجزهم حتى يأتي اليوم الموعود فيخرجون ويعيثون في الأرض فسادًا.
العلامات غير المألوفة:
1. طلوع الشمس من مغربها
من العلامات الكونية التي تدل على اختلال النظام الطبيعي للكون طلوع الشمس من مغربها. وقد ذكر النبي ﷺ أن هذه العلامة ستكون دليلاً على انغلاق باب التوبة، حيث لا تقبل توبة العباد بعد رؤيتها. في الحديث الشريف: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها" (أخرجه البخاري ومسلم).
2. خروج الدابة
من العلامات الغريبة أيضًا خروج دابة تكلم الناس وتحدد المؤمن من الكافر. ورد ذكر هذه الدابة في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: 82]. ستكون هذه الدابة معجزة من الله تظهر عند فساد الناس وانتشار الكفر.
3. الدخان
يخبرنا الله عز وجل في القرآن عن الدخان كإحدى علامات الساعة الكبرى في قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]. سيكون هذا الدخان عذابًا للناس ومنبهًا لقرب قيام الساعة، وقد وردت أحاديث عن النبي ﷺ تشير إلى هذا الحدث كإحدى العلامات الكبرى.
4. الخسوفات الثلاثة
يعتبر الخسوفات الثلاثة من علامات الساعة الكبرى التي ستكون غير مألوفة، حيث سيحدث خسف في المشرق وخسف في المغرب وخسف في جزيرة العرب. هذه الخسوفات ستكون كوارث طبيعية مهولة تدل على اقتراب الساعة.
خاتمة
علامات الساعة الكبرى هي نذير للبشرية أن يوم القيامة قد اقترب، وهي ليست مجرد أحداث مستقبلية بعيدة، بل هي دعوة لكل مسلم للتوبة والاستعداد لذلك اليوم العظيم. العمل الصالح والإيمان هما السبيل الوحيد للنجاة من تلك الفتن، كما بيّن النبي ﷺ في العديد من الأحاديث. فعلينا أن نتأمل في هذه العلامات ونتخذها حافزًا لزيادة الطاعات والابتعاد عن المعاصي، حتى نكون مستعدين للقاء الله يوم القيامة.
المرجع: اضغط هنا