الكهانة والتنجيم في ضوء القرآن والسنة
الكهانة هي ادعاء معرفة الغيب باستخدام وسائل محرمة مثل استراق السمع من الجن أو استخدام الطلاسم والأحجار. وقد جاءت النصوص الشرعية محذرة من اللجوء إلى الكهان والمنجمين. روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "من أتى عرافاً، فسأله عن شيء، فصدقه؛ لم تُقبل له صلاة أربعين يوماً"【صحيح مسلم: 2230】. هذا الحديث يؤكد أن مجرد إتيان العراف وتصديقه يؤدي إلى حرمان المرء من قبول صلاته لمدة أربعين يوماً.
روى أبو هريرة رضي الله عنه أيضًا أن النبي ﷺ قال: "من تعلم علمًا من النجوم؛ اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد"【سنن أبي داود: 3905】. يوضح هذا الحديث أن تعلم النجوم بقصد معرفة الغيب يعد نوعًا من السحر، وهو من المحرمات الكبرى في الإسلام.
خطر إتيان الكهان والعرافين
النبي ﷺ حذر المسلمين من الكهانة والتنجيم وأكد أن الكهان لا يملكون أي معرفة حقيقية بالغيب. في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "سأل أناس رسول الله ﷺ عن الكهان، فقال: «ليسوا بشيء»، فقالوا: يا رسول الله! إنهم يحدثوننا أحياناً بشيء فيكون حقاً؟! فقال رسول الله ﷺ: «تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني، فيقرها في أذن وليه، فيخلطون معها مئة كذبة»"【صحيح البخاري: 3210، صحيح مسلم: 2228】. يبين هذا الحديث أن الجن قد يسترقون السمع من السماء ويلقون ببعض الحقائق إلى الكهان الذين يضيفون إليها الكثير من الأكاذيب.
النهي عن التطير والزجر
التطير هو التشاؤم من رؤية طير أو حيوان معين، والزجر هو استخدام الطيور لمعرفة المستقبل. النبي ﷺ نهى عن هذه الممارسات لأنها تعتمد على الأوهام والخرافات. عن قبيصة بن المخارق رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "العيافة والطيرة والطرق من الجبت"【سنن أبي داود: 3907】. وفسر "الطرق" بأنه زجر الطير، أي التشاؤم أو التفاؤل باتجاه طيران الطير.
النهي عن استراق السمع
استراق السمع من الجن من وسائل الكهانة المحرمة. في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ قال: "إن الملائكة تنزل في العنان -وهو السحاب- فتذكر الأمر قضى في السماء، فيسترق الشيطان السمع، فيسمعه، فيوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مئة كذبة من عند أنفسهم"【صحيح البخاري: 3210】. هذا الحديث يوضح أن الشياطين يسترقون السمع من الملائكة ثم يضيفون إلى ما سمعوه الكثير من الأكاذيب وينقلونه إلى الكهان.
النهي عن مهر البغي وثمن الكلب وحلوان الكاهن
النبي ﷺ نهى عن بعض الأموال المحرمة ومنها ما يتعلق بالكهانة. عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن【صحيح البخاري: 2237، صحيح مسلم: 1567】. حلوان الكاهن هو الأجر الذي يأخذه الكاهن مقابل خدماته المحرمة.
الخاتمة
في الختام، يجب على المسلمين أن يبتعدوا عن الكهانة والعرافة والتنجيم وكل ما يتعلق بمعرفة الغيب من طرق محرمة. هذه الأمور تتعارض مع التوحيد وتؤدي إلى الشرك بالله. يجب على المسلم أن يتوكل على الله ويثق به ويعلم أن الغيب لا يعلمه إلا الله. قال تعالى: ﴿قُل لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النمل: 65]. أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يحمينا من كل أنواع الشرك والبدع، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
المرجع: رياض الصالحين من حديث سيد المرسلين لمصنفه ومخرج أحاديثه عل بن حسن بن عبد الحلبي الأثري