إن القبض في الصلاة من السنن التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها، وهي وضع اليد اليمنى على اليسرى حال القيام في الصلاة. وقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من خلال عدة أحاديث صحيحة.
أدلة القبض في الصلاة
حديث وائل بن حجر
في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائمًا في الصلاة وضع يمينه على شماله على صدره" (رواه ابن خزيمة في صحيحه).
حديث قبيصة بن هلب الطائي
وفي حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على كفه اليسرى في الصلاة" (رواه أحمد وأبو داود).
حديث سهل بن سعد
وفي صحيح البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "كان الرجل يؤمر أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة" (رواه البخاري). ويفسر هذا الحديث من خلال الأحاديث السابقة، حيث أن الوضع يكون حال القيام في الصلاة.
كيفية وضع اليدين في الصلاة
يتضح من الأحاديث أن السنة هي وضع اليد اليمنى على اليسرى حال القيام في الصلاة. وأما كيفية وضع اليدين في باقي أركان الصلاة:
- الركوع: يضع المصلي يديه على ركبتيه، مفردًا أصابعه.
- السجود: يضع المصلي يديه على الأرض حيال منكبيه أو أذنيه.
- الجلوس: يضع المصلي يديه على فخذيه أو ركبتيه.
أما في حال القيام، فإن اليد اليمنى توضع على اليسرى على الصدر. قالت عائشة رضي الله عنها: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره" (رواه النسائي وصححه الألباني).
الأدلة الإضافية والتطبيقات العملية
مرسل طاوس بن كيسان
جاء في مرسل طاوس بن كيسان: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره في الصلاة". ورغم كونه مرسلاً، إلا أنه يؤيد الأحاديث الصحيحة.
يجب أن يكون وضع اليدين على الصدر عند القيام في الصلاة، ويكون أطراف اليد اليمنى على ذراع اليد اليسرى. أما إرسال اليدين على الجانبين، كما يفعله بعض الناس، فليس عليه دليل صحيح.
التعامل مع الاختلافات الفقهية
من المهم في هذه المسألة أن نتجنب النزاع والاختلاف والعداوة. فقد ذهب بعض المالكية إلى إرسال اليدين، لكن الأحاديث الصحيحة تدل على وضع اليدين على الصدر. ومع ذلك، إذا ترك المسلم هذه السنة، فصلاته صحيحة، كما أنها صحيحة إذا طبقها.
يقول الله تعالى: "فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ" (النساء: 59)، ويقول: "وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ" (الشورى: 10).
نصيحة وتوجيه
ينبغي على المسلم أن يحرص على تطبيق السنة وأن يدعو إخوانه إليها بالرفق والحكمة. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" (رواه مسلم).
ومن المهم أيضًا أن نبتعد عن التقليد الأعمى، ونتبع الدليل الشرعي. يقول الله تعالى: "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ" (النساء: 59).
خلاصة
القبض في الصلاة، وهو وضع اليد اليمنى على اليسرى حال القيام، سنة نبوية مؤكدة تدل عليها أحاديث صحيحة. ينبغي للمسلم أن يحرص على تطبيقها دون تعصب أو نزاع، مستعينًا بالرفق والحكمة في الدعوة إلى هذه السنة. وإذا علم المسلم الدليل، فعليه أن يتبعه، متجنبًا التقليد الأعمى.
تعتبر هذه السنة من الأمور التي تعزز من خشوع المصلي وانضباطه في صلاته، وتجعلها أقرب إلى الصورة التي كان يؤديها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأسوة الحسنة لكل مسلم.
:المصدر: جواب الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله