إذا وصل المعتمر إلى مكة صائمًا، هل يفطر ليتقوى على أداء العمرة؟

النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في العام العشرين من رمضان مفطرًا، وكان يصلي ركعتين لأهل مكة ويحثهم على إتمام الصلاة بقول: "يا أهل مكة، أتموا فإنا قوم سفر". وقد أفاد شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفطرًا في تلك الأيام بمكة خلال غزوة الفتح.

في صحيح البخاري، روى ابن عباس رضي الله عنهما: "لم يزل مفطراً حتى انسلخ الشهر". وقد استمر النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ركعتين لأنه كان مسافرًا. هذا يعني أن سفر المعتمر لا ينقطع بوصوله إلى مكة، وبالتالي لا يلزمه الإمساك عن الطعام إذا وصل مفطرً

الحكم الشرعي في الإفطار للمعتمر

إذا كان الإفطار يساعد المعتمر على أداء العمرة بنشاط وحيوية، فيُفضل أن يفطر. إذا استمر بعض الناس في الصيام حتى في السفر بسبب السهولة المتوفرة في السفر اليوم، فقد يصلون إلى مكة متعبين. في هذه الحالة، يتساءل البعض: هل يستمرون في الصيام أم يفطرون لأداء العمرة فور وصولهم؟

من الأفضل في هذه الحالة الإفطار. النبي صلى الله عليه وسلم كان يبادر إلى أداء النسك فور دخوله مكة، وكان ينيخ راحلته عند المسجد ويدخله لأداء العمرة. لذا، يُفضل الإفطار لأداء العمرة بنشاط خلال النهار بدلًا من تأجيلها إلى الليل بعد الإفطار.

مثال من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

كان النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى أسفاره لغزوة الفتح، وصام في ذلك السفر. جاء إليه أناس وقالوا: "يا رسول الله، إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنهم ينتظرون ماذا تفعل؟". بعد العصر، دعا النبي بماء وشرب أمام الناس، فأفطر في أثناء السفر. كل هذا من أجل أن لا يشق الإنسان على نفسه بالصيام في السفر، لأن المشقة في الصيام مع السفر ليست من السنة.

الخاتمة

من الواضح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفضل التيسير على المسلمين، خاصة في ظروف السفر والمشقة. فعندما دخل مكة مفطرًا، كان يهدف إلى أداء النسك بنشاط وقوة، وهو ما يعكس روح التسامح والتخفيف في الشريعة الإسلامية. بناءً على ذلك، يُنصح المعتمر الذي يصل إلى مكة صائمًا أن يفطر إذا كان ذلك يعينه على أداء العمرة بنشاط وقوة. هذا يتماشى مع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأحكام الفقه الإسلامي التي تراعي ظروف المسلم وتعمل على تسهيل عباداته. لذا، الأفضل للمعتمر أن يختار الراحة والنشاط في أداء النسك بدلاً من المشقة والإجهاد.

المرجع: كتاب فتاوي في الزاكاة والصيام للشيخ محمد بن صالح العثيمن


تعليقات