1.التدبر في آيات الله الشرعية المتلوة في كتابه العزيز وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
2. النظر في مخلوقات الله وآياته الكونية.
سنجد في هذين الطريقين ما ينطق بعظمة الله الخالق عز وجل ووحدانيته في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته. فإن كتاب الله، إن تأملته، يأخذك في جولات وجولات ترتاد آفاق السماء وتجول في جنبات الأرض والأحياء، يريك عظمة الله وقدرة الله وتقديره في المخلوقات، ثم يكشف لك أسرار الخلق والتكوين ويهديك إلى الحكمة من الخلق والتصوير، ثم يقرع الفؤاد بقوله تعالى: {أَإِلَٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 60]. رحلة طويلة لكنها مع ذلك شائقة وجميلة تتحرك لها المشاعر وتستجيب لها الفطرة السليمة المستقيمة، كما أنها تنبه الغافل وتدمغ المجادل.
تأملات من القرآن الكريم
القرآن الكريم مليء بالآيات التي تتحدث عن عظمة الله ووحدانيته، ومن هذه الآيات:
- {ٱلَّذِيٓ أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُۥ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلْإِنسَٰنِ مِن طِينٍۢ} [السجدة: 7].
- {ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ} [البقرة: 255].
- {هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلَٰمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَٰلِقُ ٱلْبَارِئُ ٱلْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۖ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ} [الحشر: 22-24].
هذه الآيات تعكس جانباً من جوانب عظمة الله وصفاته الكاملة التي لا يدانيها شيء.
تأملات من السنة النبوية
السنة النبوية الشريفة جاءت لتكمل وتوضح ما جاء في القرآن الكريم من تعريف بالله وأسمائه وصفاته. من الأحاديث النبوية التي تبرز عظمة الله:
- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم" (رواه البخاري ومسلم).
- عن ابن الزبير رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول دُبر كل صلاة حين يسلم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون".
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى وإذا اضطجع: "اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه".
النظر في آيات الله الكونية ومخلوقاته
كل ما في الكون ينطق بوحدانية الله سبحانه، فالكون كتاب مفتوح يُقرأ بكل لغة ويُدرك بكل وسيلة. من أعظم آيات الله الكونية:
1. عجائب خلق الله في النوم:
- قال تعالى: {هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [يونس: 67].
- في النوم تتعطل وظائف الحس إجمالاً، ويتوقف البصر بإغماض الجفون، وإن لم تغمض كما في بعض الناس، فإن الرؤية تكون مفقودة. والحاسة التي تبقى تعمل خلال النوم هي السمع، ولذلك قال الله تعالى: **{وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُم مِّن فَضْلِهِۦٓ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍۢ يَسْمَعُونَ} [الروم: 23].
2. عجائب خلق الله في الجنين:
- الجنين يتأثر بحالة الأم النفسية والجسدية، فيكون مضطرباً حين تقع الأم في أزمة انفعال حادة كغضب أو تأثر جسدي، ويكون هادئاً عندما تنصت الأم لسماع ما تستريح إليه النفس من قرآن وعلم ديني. بل إنه يتأذى من بعض المخالفات الشرعية مثل التدخين.
3. عجائب خلق الله في السماء:
- قال تعالى: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]. اكتشافات الفلكيين تظهر عظمة خلق الله، حيث تتكون المجموعة الشمسية من مائة مليار نجم، تجري كلها في نظام دقيق بسرعة هائلة دون اصطدام.
4. تأمل خلق الأرض:
- الأرض تبدو هادئة ساكنة، لكنها قد تثور وتتفجر بالزلازل والبراكين. قال تعالى: {قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰٓ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65].
5. التأمل في خلق الهواء:
ذا تأملنا في الهواء، نجد أنه أحد أعظم آيات الله، حيث حبسه الله بين السماء والأرض، وهو غير مرئي لكنه موجود في كل مكان. جعل الله الهواء ملكاً للجميع، وحرص على توزيعه بشكل منتظم ليخدم جميع الكائنات الحية. الهواء هو الذي يحمل الطيور ويعطيها القدرة على الطيران، ويمرر الأصوات، وينظم درجة الحرارة والرطوبة على الأرض.
من آيات الله في الهواء أنه يتغير بحسب إرادته؛ فيصبح رياحاً خفيفة تُبشر بالخير أو عواصف عاتية تعاقب البشر. كما قال الله تعالى في سورة الروم: "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ ۗ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ" (الروم: 24).
ويتميز الهواء بدور حيوي في العمليات البيئية، فهو يحمل المياه من المحيطات إلى اليابسة، ويساهم في تلقيح الأزهار، ويعمل على تجديد الهواء بواسطة النباتات. الهواء غير المرئي ولكنه يجلب لنا الكثير من الفوائد، ويُعتبر من الأدلة العظيمة على عظمة الله وقدرته.