الإحرام في الإسلام: مفهومه وآدابه

الإحرام هو أحد الأركان الأساسية للحج والعمرة، وهو الحالة التي يدخل فيها المسلم عند بدء أداء المناسك. يتضمن الإحرام العديد من الأعمال والضوابط التي يجب على المسلم مراعاتها. في هذا المقال، سنتناول مفهوم الإحرام لغةً وشرعاً، بالإضافة إلى الأعمال التي يقوم بها مريد العمرة أو الحج عند الميقات.

 مفهوم الإحرام لغة وشرعاً

 الإحرام لغة

الإحرام لغةً هو مصدر "أحرم"، وهو فعل يعني الدخول في حالة من النسك، سواء كان ذلك للحج أو العمرة. يشتمل على مجموعة من الأمور، مثل خلع المخيط (الملابس المخيطة)، واجتناب الأشياء التي منعها الشرع كالطيب والنكاح والصيد. والأصل في الإحرام هو المنع، وكأن المحرم يُمنع من هذه الأشياء.

الإحرام شرعاً

الإحرام شرعاً هو نية الدخول في النسك، سواء كان ذلك للحج أو العمرة. يُعتبر الإحرام نقطة الانطلاق لأداء المناسك، ويتطلب من المسلم التزاماً بمجموعة من القواعد والضوابط التي حدّدها الشرع.

 أعمال مريد العمرة أو الحج عند الميقات

1. التجهيز الشخصي

عندما يصل مريد العمرة أو الحج إلى الميقات، يشرع له القيام ببعض الأعمال التحضيرية. يُستحب أن يبدأ بقص أظفاره، وقص شاربه، ونتف إبطيه، وحلق شعر عانته. يُستند في ذلك إلى حديث النبي ﷺ الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "الفطرة خمس: الختان والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب". [متفق عليه]

بالإضافة إلى ذلك، جاء في حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ وقت لهم في قص الشارب وتقليم الأظفار وحلق العانة ونتف الإبط أن لا يتركوا أكثر من أربعين يوماً. [رواه النسائي وابن ماجه]

 2. العناية باللحية

يجب على المحرم أن يعتني بلحيته ولا يحلقها أو يقصرها، استناداً إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "خالفوا المشركين، وفّروا اللحى وأحفوا الشوارب". [متفق عليه]  

وفي حديث آخر، قال النبي ﷺ: "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس". [رواه مسلم]

3. الاغتسال والتجرد من الثياب

يُستحب للمحرم أن يتجرد من ثيابه ويغتسل قبل الإحرام. وقد ورد في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي ﷺ تجرد لإهلاله واغتسل. [رواه البخاري]  

الغسل سنة عند الإحرام للرجال والنساء، حتى النفساء والحائض، كما أمر النبي ﷺ أسماء بنت عميس عندما ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم. [رواه مسلم]

4. التطيب قبل الإحرام

يستحب للمحرم أن يتطيب بأطيب ما يجد من دهن عود أو غيره في رأسه ولحيته قبل الإحرام. وقد ذكرت عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد، ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك". [متفق عليه]

5. اللباس الشرعي للمحرم

يحرم الرجل في رداء وإزار ويُستحب أن يكونا أبيضين ونظيفين، كما يحرم في نعلين. ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: "وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين". [رواه البخاري]

أما المرأة، فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من الثياب المباحة لها، مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم. قالت عائشة رضي الله عنها: "المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوباً مسه ورس أو زعفران، ولا تتبرقع، ولا تَتَلثَّم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت". [رواه أبو داود]

 أهمية اتباع سنن الإحرام

اتباع سنن الإحرام يعكس التزام المسلم بأداء النسك بطريقة صحيحة وموافقة للسنة النبوية. الالتزام بهذه السنن يساعد في تهيئة النفس للدخول في حالة من الطهارة والقداسة، ويُعد نوعاً من الاستعداد الروحي والبدني لأداء مناسك الحج أو العمرة.

 الخاتمة

الإحرام هو خطوة أساسية في رحلة الحج أو العمرة، يتطلب من المسلم الالتزام بمجموعة من القواعد والضوابط الشرعية. من خلال اتباع سنن الإحرام، يضمن المسلم أداء مناسكه بطريقة صحيحة وموافقة للسنة النبوية، مما يعزز من قيمة العبادة ويزيد من الأجر والثواب. نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لأداء مناسكنا على الوجه الأكمل.

المرجع: فقه الحج والعمرة؛ أحكامها وفتاويها للدكتور أحمد مصطفى متولي

تعليقات