يعتبر مرض الربو من الأمراض الشائعة التي يعاني منها الكثير من الناس. يصاحب هذا المرض صعوبة في التنفس، مما يستدعي استخدام بخاخات خاصة لتوسيع الشعب الهوائية وتسهيل عملية التنفس. يتساءل كثير من المرضى حول حكم استخدام هذا البخاخ في نهار رمضان، وهل يفسد الصوم أم لا. سنستعرض في هذا المقال الجانب العلمي والديني لهذا الموضوع، مستندين إلى الفتاوى الشرعية والأدلة العلمية.
تعريف الربو واستخدام البخاخ
الربو هو حالة مرضية مزمنة تؤثر على الشعب الهوائية في الرئتين. تسبب هذه الحالة ضيقاً وتورماً في الممرات الهوائية، مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس، والسعال، وضيق في الصدر، وصوت صفير عند التنفس. يحتاج المصابون بالربو إلى استخدام أدوية معينة تساعد في تخفيف الأعراض ومنع تفاقم الحالة.
دور البخاخ في علاج الربو
البخاخات التي يستخدمها مرضى الربو تحتوي عادة على أدوية موسعة للشعب الهوائية. يعمل البخاخ على توصيل الدواء مباشرة إلى الرئتين عبر استنشاق رذاذ الدواء. هذا يساعد في توسيع الشعب الهوائية بسرعة وتخفيف الأعراض بشكل فوري.
اتفق العديد من العلماء على أن استخدام بخاخ الربو في نهار رمضان لا يفطر الصائم. هذا الرأي يستند إلى أن البخاخ لا يُعتبر أكلاً ولا شرباً، ولا هو في معنى الأكل والشرب. فالبخاخ يخرج رذاذاً خفيفاً يتطاير ويتبخر، ولا يدخل إلى المعدة، بل يصل إلى الرئتين.
الأدلة الشرعية
1.القياس على الأدوية الأخرى: يمكن قياس بخاخ الربو على الأدوية التي تُستخدم بطريقة مشابهة، مثل بخاخات الأنف والعين، والتي لا تُفطر لأنها لا تصل إلى المعدة.
2. فتاوى العلماء: العديد من الفتاوى الشرعية تؤكد أن بخاخ الربو لا يُفطر. فعلى سبيل المثال، أوضح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن استخدام بخاخ الربو لا يفسد الصوم لأنه يصل إلى الرئتين وليس إلى المعدة، وهذا ليس أكلاً ولا شرباً.
الجانب العلمي: كيفية عمل بخاخ الربو
بخاخ الربو يحتوي على نوعين رئيسيين من الأدوية: موسعات الشعب الهوائية والكورتيكوستيرويدات. موسعات الشعب الهوائية تعمل على توسيع الممرات الهوائية وتسهيل التنفس، بينما الكورتيكوستيرويدات تعمل على تقليل الالتهاب والتورم في الشعب الهوائية
عند استخدام البخاخ، يتم استنشاق الرذاذ الدوائي، الذي يصل بسرعة إلى الرئتين. الأدوية الموجودة في البخاخ تعمل على استرخاء العضلات المحيطة بالشعب الهوائية، مما يسمح بفتح الممرات الهوائية وتسهيل عملية التنفس.
أسباب جواز استخدام بخاخ الربو في نهار رمضان
لا يُعتبر أكلاً ولا شرباً
كما ذكرنا سابقاً، البخاخ لا يُعتبر أكلاً ولا شرباً، بل هو عبارة عن رذاذ دوائي يصل إلى الرئتين وليس إلى المعدة. وبناءً على هذا، لا يُفطر استخدام البخاخ.
ضرورة طبية
مرض الربو يحتاج إلى علاج مستمر ومنتظم، واستخدام البخاخ هو جزء أساسي من هذا العلاج. منع المريض من استخدام البخاخ في نهار رمضان قد يعرضه لمضاعفات صحية خطيرة.
القياس على الأمور المشابهة
كما يتم السماح لمرضى السكري باستخدام حقن الإنسولين في نهار رمضان، بناءً على أنها لا تُفطر، يمكن قياس ذلك على بخاخ الربو، حيث إن كلاهما يستخدم لغرض علاجي ضروري ولا يدخل إلى المعدة.
نصائح لمرضى الربو في رمضان
الاستشارة الطبية
يجب على مرضى الربو استشارة الطبيب قبل شهر رمضان لتحديد الجرعات والأوقات المناسبة لاستخدام البخاخ والأدوية الأخرى. الطبيب يمكنه أن يقدم النصائح اللازمة حول كيفية التعامل مع الربو خلال فترة الصيام.
تجنب المحفزات
ينبغي على مرضى الربو تجنب المحفزات التي قد تزيد من أعراض الربو، مثل الغبار، والدخان، والروائح القوية. الحفاظ على بيئة نظيفة وخالية من الملوثات يمكن أن يساعد في تقليل نوبات الربو.
الحفاظ على الترطيب
على الرغم من الصيام، يجب أن يحافظ المريض على شرب كميات كافية من السوائل خلال فترة الإفطار والسحور، لأن الترطيب الجيد يساعد في تخفيف الأعراض ويحسن من وظائف الجهاز التنفسي.
الخلاصة
في الختام، يمكن القول بأن استخدام بخاخ الربو في نهار رمضان لا يُفطر بناءً على الفتاوى الشرعية والأدلة العلمية. البخاخ لا يُعتبر أكلاً ولا شرباً، وهو ضروري لتخفيف أعراض الربو وتحسين عملية التنفس لدى المرضى. يجب على المرضى استشارة الأطباء للحصول على التوجيهات اللازمة حول كيفية التعامل مع الربو خلال فترة الصيام، والحرص على تجنب المحفزات التي قد تزيد من الأعراض.
بهذا نكون قد استعرضنا موضوع استخدام بخاخ الربو في نهار رمضان من الجانبين العلمي والديني، موضحين أنه لا يفطر الصائم بناءً على الفتاوى الشرعية والأدلة العلمية. نسأل الله أن يرزقنا الصحة والعافية، وأن يتقبل منا صيامنا وقيامنا.
المرجع: كتاب فتاوي في الزاكاة والصيام للشيخ محمد بن صالح العثيمن