الإخلاص في العبادة وتجنب الرياء

يتناول هذا المقال موضوع الرياء في الإسلام، استنادًا إلى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة. فالرياء هو إظهار البد للعمل الصالح بقصد أن يراه الناس ويثنوا عليه، مما يتعارض مع نية الإخلاص لله تعالى. سنستعرض في هذا المقال الأحاديث والآثار التي تناولت هذا الموضوع، ونوضح خطورته وأثره على العمل الصالح.

ماهي الرياء؟

الرياء هو إظهار العمل الصالح بقصد الحصول على ثناء الناس أو تحقيق غرض دنيوي. وقد جاء في الحديث: "من يرائي يرائي الله ومن يسمع يسمع الله به"، أي أن الله سيجازي الشخص بنفس العمل الذي كان يقوم به رياءً. والواجب على المسلم أن يخلص العمل لله تعالى ويرجو الثواب منه وحده.

يقول الله تعالى في سورة الكهف، الآية 110: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾. 

هذه الآية تؤكد على أهمية العمل الصالح المقترن بالإخلاص لله وحده، دون إشراك أحد معه في النية. فمن كان يرجو لقاء الله فعليه أن يعمل بما يوافق الشريعة، ويتجنب البدع والرياء.

شروط العمل الصالح

العمل الصالح يتطلب توفر شرطين أساسيين:

1. الإخلاص لله: يجب أن يكون العمل خالصًا لوجه الله تعالى، دون أي نية أخرى.

2. الموافقة للشريعة: يجب أن يكون العمل موافقًا للشريعة الإسلامية، غير مبتدع.

 الأحاديث الواردة في الرياء

 حديث أبي هريرة

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" (رواه مسلم). هذا الحديث يبين أن الله تعالى لا يقبل أي عمل يكون فيه شرك، وأنه بريء من الأعمال التي يشرك فيها غيره.

 حديث أبي سعيد الخدري

ورد في الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ الشرك الخفي: أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل" (رواه أحمد وابن ماجة والحاكم). هذا الحديث يوضح أن الشرك الخفي أخطر من الدجال، لأنه يتعلق بنية القلب التي لا يطلع عليها الناس.

 كما أن الرياء يعد من أخطر الآفات التي تصيب الأعمال الصالحة، لأنه يفسد نية العمل ويجعله مردودًا على صاحبه. وقد جاء في الحديث أن الله يقول للمرائين يوم القيامة: "اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء" (رواه أحمد وابن ماجة). وهذا يدل على أن الرياء يحبط العمل الصالح ويحرمه من الثواب.

 تأثير الرياء على العمل الصالح

الرياء يمكن أن يقع فيه الصالحون كما يقع فيه غيرهم، وقد يتساهلون فيه بسبب الحرص على ثناء الناس. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخشى على أمته من الشرك الأصغر، وهو الرياء، حيث قال: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه قال: الرياء" (رواه مسلم). 

الخاتمة

الرياء هو آفة خطيرة تفسد العمل الصالح وتحرم صاحبه من الأجر والثواب. يجب على المسلم أن يحرص على الإخلاص في جميع أعماله، وأن يتجنب الرياء بجميع أشكاله. ونختتم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (رواه البخاري ومسلم). 

بهذا نكون قد استعرضنا موضوع الرياء بشكل شامل، معتمدين على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وموضحين خطورته وأثره على الأعمال الصالحة. نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجنبنا الرياء والشرك الخفي.

المرجع : شرح كتاب التوحيد للشيخ العلامة عبد الله بن عبد العزيز بن باز

تعليقات