الزكاة هي ركن من أركان الإسلام، وهي فريضة واجبة على المسلمين. سنستعرض مقدار زكاة الذهب والفضة وعروض التجارة، وكيفية حسابها، ومسألة إخراج الزكاة من عين المال أو من قيمته، مع توضيح الأدلة الشرعية.
مقدار زكاة الذهب والفضة
حدد الشرع مقدار زكاة الذهب والفضة وعروض التجارة بربع العشر، أي 2.5%. بمعنى أنه يتم تقسيم الحاصل على أربعين، وما ينتج عن القسمة هو مقدار الزكاة. فعلى سبيل المثال، إذا كانت لديك 40 غرامًا من الذهب، فإن زكاتها تكون 1 غرام.
قال الله تعالى في سورة التوبة: "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا" (التوبة: 103). ويقول العلماء إن هذه الآية تدل على وجوب أخذ الزكاة من الأموال، بما في ذلك الذهب والفضة، لتطهير المال وزيادته بالبركة.
وفي الحديث النبوي: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره" (صحيح مسلم). وهذا الحديث يوضح العقوبة التي تنتظر من لا يخرج زكاة الذهب والفضة، مما يدل على أهمية الالتزام بهذه الفريضة.
كيفية حساب زكاة الذهب والفضة
لحساب زكاة الذهب، ينظر المسلم إلى كمية الذهب التي يملكها ويقسمها على أربعين. على سبيل المثال، إذا كانت قيمة الذهب التي يملكها المسلم تساوي 40,000 ريال، فيقسم هذا المبلغ على أربعين، ويكون الناتج هو مقدار الزكاة الواجب إخراجه، وهو 1,000 ريال.
ينطبق نفس المبدأ على الفضة. فإذا كانت لديك 200 درهم من الفضة، فتقسمها على أربعين، ويكون الناتج هو 5 دراهم، وهي مقدار الزكاة الواجبة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس في أقل من خمسة أوسق صدقة، وليس في أقل من خمس أواق صدقة، وليس في أقل من خمس ذود صدقة" (صحيح البخاري). هذا الحديث يشير إلى النصاب الشرعي للزكاة في الأعيان المختلفة، بما في ذلك الفضة، ويوضح أنه لا زكاة على من يملك أقل من النصاب.
زكاة عروض التجارة
عروض التجارة تشمل كل ما أُعدّ للبيع والشراء بهدف الربح، مثل السلع والبضائع. يتم حساب زكاة عروض التجارة بنفس الطريقة، حيث يقيم التاجر بضاعته ويقسمها على أربعين، والناتج هو مقدار الزكاة الواجب إخراجه.
إخراج الزكاة من عين المال أو من قيمته
يتساءل البعض عما إذا كان يجب إخراج الزكاة من عين المال، أي من الذهب نفسه أو من الفضة، أم يمكن إخراجها من قيمتها نقداً. أجاب العلماء على هذه المسألة بأنه لا بأس بإخراج الزكاة من القيمة، لأن ذلك قد يكون أكثر نفعاً للفقير.
قال ابن قدامة في المغني: "يجوز دفع القيم في الزكاة... وهذا قول الثوري وأبي حنيفة". كما روي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال لأهل اليمن: "ائتوني بعرض ثياب خميس أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة، أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة" (سنن البيهقي الكبرى). هذا الأثر يدل على جواز دفع الزكاة من القيمة بدلاً من عين المال، إذا كان ذلك أكثر فائدة للفقير.
فوائد إخراج الزكاة من القيمة
إخراج الزكاة من القيمة يساعد في تلبية احتياجات الفقير بشكل أفضل، حيث يمكن للفقير أن يستخدم المال لشراء ما يحتاجه من غذاء أو ملابس أو أدوية. وهذا يتماشى مع مقاصد الشريعة الإسلامية في تحقيق المصلحة العامة والتيسير على الناس.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم" (رواه الطبراني). هذا الحديث يشير إلى أهمية إدخال السرور على المسلمين، وإخراج الزكاة من القيمة قد يكون وسيلة لتحقيق ذلك، من خلال تلبية احتياجات الفقراء بشكل أفضل.
خاتمة
في الختام، تعتبر الزكاة من أهم التشريعات الإسلامية التي تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتكافل بين المسلمين. تحديد مقدار الزكاة بربع العشر يضمن توزيع الثروة بشكل عادل، وإخراجها من القيمة يساعد في تلبية احتياجات الفقراء بشكل أفضل. نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لأداء هذه الفريضة العظيمة على الوجه الذي يرضيه.
المرجع: كتاب فتاوي في الزاكاة والصيام للشيخ محمد بن صالح العثيمن