حكم الرقي والتمائم

 


تحظى مسألة الرقى والتمائم بأهمية كبيرة في الشريعة الإسلامية، حيث وردت العديد من النصوص التي تتناول هذا الموضوع من جوانب متعددة. يشير الفقهاء إلى أن هناك تمييزًا دقيقًا بين ما يجوز وما لا يجوز من الرقى والتمائم، وهو ما يعكس حرص الإسلام على الحفاظ على العقيدة والتوحيد.


 النصوص الواردة في تحريم التمائم

1. حديث أبي بشير الأنصاري
روى أبو بشير الأنصاري رضي الله عنه: "أنه كان مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة إلا قطعت" . هذا الحديث من صحيح البخاري ومسلم يشير بوضوح إلى تحريم تعليق التمائم والقلائد، خاصة إذا كانت تستخدم كوسيلة للحماية أو التبرك. ويظهر من هذا الحديث أن النبي ﷺ كان حريصًا على إزالة أي نوع من التمائم التي قد تعلق على البهائم، مما يشير إلى عدم جواز استخدامها على البشر أيضًا.
2. حديث ابن مسعود
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" . هذا الحديث، الذي رواه أحمد وأبو داود، يوضح أن التمائم تُعتبر نوعًا من الشرك لأنها تنطوي على اعتقاد بأن شيئًا آخر غير الله يمكن أن يحمي أو يشفي. ويعتبر هذا الاعتقاد شركًا لأنه ينافي التوحيد الذي هو أساس العقيدة الإسلامية.

 تعريف التمائم وحكمها

التمائم هي الأشياء التي تُعلق على الأولاد أو البهائم بغرض الحماية من العين أو الشر. وقد أجمع العلماء على تحريم التمائم، وخاصة تلك التي تحتوي على رموز أو كلمات غير مفهومة أو تستند إلى اعتقادات شركية. ويرى بعض العلماء أنه حتى التمائم التي تحتوي على آيات قرآنية يجب تجنبها لتفادي التوسع في استخدامها بطرق غير شرعية. 

 الرقي وأحكامها

أما الرقي فهي تختلف عن التمائم في أنها لا تعتمد على أشياء مادية تُعلق، بل هي أدعية أو تلاوات قرآنية تُقرأ بغرض الشفاء أو الحماية. وقد فصل العلماء في جواز الرقي بشروط محددة:

1. أن تكون بلسان مفهوم: يجب أن تكون الرقية بالآيات القرآنية أو الأدعية المعروفة والمفهومة.
2. ألا تخالف الشرع: ينبغي أن تكون الرقية خالية من أي كلمات أو عبارات تتعارض مع الشريعة الإسلامية.
3. عدم الاعتقاد بأن الرقية تؤثر بذاتها: يجب أن يكون الاعتقاد بأن الشفاء يأتي من الله وحده، وأن الرقية هي وسيلة فقط. في الحديث: "لا بأس بالرقية ما لم تكن شركا".

 التولة وحكمها

التولة هي نوع من السحر الذي يُصنع بهدف المحبة أو التفريق بين الناس. يُعرف المؤلف التولة بأنها تُصنع باستخدام الجن والشياطين، وتُعتبر من أنواع السحر المحرمة. والسحر بجميع أنواعه يُعتبر كفرًا بنص القرآن الكريم: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ﴾.

أدلة إضافية على تحريم التمائم والسحر

1. الآية الكريمة: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ (الشعراء: 80) هذه الآية تؤكد أن الشفاء يأتي من الله وحده، وليس من خلال التمائم أو السحر.

2. حديث آخر: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله ﷺ ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنا أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها" (رواه البخاري). هذا الحديث يوضح أن الرقية الشرعية كانت تُستخدم حتى من قِبل النبي ﷺ ولكن بشرط أن تكون من القرآن والسنة.

 خاتمة

في الختام، يُجمع الفقهاء على تحريم التمائم، سواء كانت تحتوي على آيات قرآنية أو غيرها، لتجنب أي انحراف في العقيدة. أما الرقي فهي جائزة بشروط محددة، وأهمها أن تكون بالآيات القرآنية والأدعية الصحيحة، وأن يُعتقد بأن الشفاء من الله وحده. ويجب على المسلمين التمسك بالعقيدة الصافية وتجنب كل ما قد يوقعهم في الشرك أو يُبعدهم عن التوحيد.

المرجع : شرح كتاب التوحيد للشيخ العلامة عبد الله بن عبد العزيز بن باز   
تعليقات