شروط وجوب الزكاة

 

تعتبر الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي فرض ديني يحدده الشرع الإسلامي ويشترط لحجيته توافر بعض الشروط الأساسية. في هذه المقالة، سنتناول بالتفصيل شروط وجوب الزكاة في الإسلام ونقدم الأدلة الشرعية المذكورة في القرآن والسنة لدعم هذه الشروط.

الإسلام

أول شرط لوجوب الزكاة هو أن يكون الشخص مسلمًا، حيث لا تجب الزكاة على الكافر. يشير قول الله تعالى في سورة التوبة: "وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ" (سورة التوبة، الآية 54)، إلى أن الزكاة لا تقبل من الكافر. هذا النص يوضح أن النية الصالحة والإيمان بالله هما أساس قبول العبادات، والزكاة جزء لا يتجزأ من هذه العبادات. لذلك، يجب أن يكون المزكي مؤمنًا بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم.

الحرية

ثاني شرط هو أن يكون الشخص حرًا، حيث لا تجب الزكاة على المملوك. يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "من باع عبدًا له مال فماله لبائعه، إلا أن يشترطه المبتاع" (رواه البخاري). هذا الحديث يوضح أن المال المكتسب يعود لصاحبه الأصلي، وبالتالي لا تجب الزكاة على العبد لأن المال لا يعتبر ملكًا له بالكامل. الحرية تعني أن الفرد يمتلك القدرة الكاملة على التصرف في أمواله بدون قيود، وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه فريضة الزكاة.

ملك النصاب

ثالث شرط هو وجود مال يبلغ النصاب المحدد شرعًا، وهو ما يختلف باختلاف الأموال. النصاب هو الحد الأدنى من المال الذي يجب أن يمتلكه الشخص حتى تجب عليه الزكاة. فعلى سبيل المثال، النصاب في الذهب هو 85 جرامًا، وفي الفضة 595 جرامًا. إذا لم يكن عند الشخص مال يبلغ النصاب، فلا تجب عليه الزكاة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول، ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء - يعني في الذهب - حتى يكون لك عشرون دينارًا، فإذا كان لك عشرون دينارًا وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار" (رواه أبو داود). هذا الحديث يوضح أهمية النصاب كشرط أساسي لوجوب الزكاة.

مرور الحول

رابع شرط هو مرور حول كامل (سنة هجرية) على امتلاك المال الذي يبلغ النصاب. إذا نقص المال عن النصاب خلال الحول ثم عاد إليه، يبدأ الحول من جديد. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول" (رواه الترمذي). مرور الحول يؤكد استقرار المال وثباته لدى صاحبه لفترة كافية، مما يعزز من إمكانية دفع الزكاة.

السوم في الأنعام

خامس شرط يتعلق بالأنعام (الإبل، البقر، والغنم) حيث يشترط أن تكون سائمة، أي ترعى في مراعي طبيعية أكثر العام. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين، ففيها شاة" (رواه أبو داود). السوم في الأنعام يضمن أن هذه الحيوانات تُستخدم بصفة رئيسية كمصدر للرزق الطبيعي، وليس لغير ذلك من الأغراض.

الخلو من الدين

سادس شرط هو أن يكون المال خالياً من الدين الذي يستغرق النصاب. إذا كان الشخص مدينًا بمبلغ يساوي أو يزيد على النصاب، فلا تجب عليه الزكاة حتى يسدد دينه. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك" (رواه ابن ماجه). الخلو من الدين يضمن أن المال المتبقي لصاحبه بعد تسديد التزاماته المالية يمكن أن يُستخدم لدفع الزكاة.

 الخاتمة

بهذا نستنتج أن شروط وجوب الزكاة في الإسلام تتضمن الإسلام، الحرية، ملك النصاب، مرور الحول، السوم في الأنعام، والخلو من الدين. هذه الشروط تضمن أن تؤدى الزكاة بشكل صحيح وفعّال، مما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع ككل. الزكاة ليست مجرد فريضة دينية، بل هي نظام متكامل يهدف إلى تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي، وتعزيز الروابط الاجتماعية، والحد من الفقر، وتشجيع النمو الاقتصادي. من خلال فهم هذه الشروط وأدائها بإخلاص، يمكن للمسلمين أن يحققوا الأهداف السامية التي شُرعت من أجلها الزكاة، ويعيشوا في مجتمع تسوده العدالة والتعاون والرحمة.

.المرجع: كتاب فتاوي في الزاكاة والصيام للشيخ محمد بن صالح العثيمن

تعليقات