فضل التوحيد ومايكفر من الذنوب



التوحيد هو جوهر العقيدة الإسلامية وأساس الدين، وهو الاعتراف بوحدانية الله عز وجل في الألوهية والربوبية والأسماء والصفات. يعد التوحيد أعظم الأعمال في الإسلام، وله فضائل جمة تتجلى في تكفير الذنوب وتحقيق الأمن والهداية للمؤمنين. 

 

 التوحيد في القرآن الكريم

القرآن الكريم يحث المسلمين على التوحيد ويبين فضله في العديد من الآيات. يقول الله تعالى: "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ" (الأنعام: 82). في هذه الآية، يُظهر الله تعالى أن الأمن والهداية الكاملة تأتي من خلال صحة الإيمان الذي يخلو من الشرك والمعاصي. الذين يؤمنون بالله وحده ولا يشركون به شيئًا يتمتعون بالأمن الكامل والهداية التامة.


التوحيد في السنة النبوية

السنة النبوية كذلك تعظم شأن التوحيد وتبين فضله. ورد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" (رواه البخاري ومسلم). في هذا الحديث، يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الشهادة بوحدانية الله والإيمان برسوله محمد وعيسى عليهما السلام، والإيمان بالجنة والنار، تؤدي إلى دخول الجنة مهما كانت الأعمال الأخرى.

وفي حديث آخر رواه البخاري ومسلم عن عتبان بن مالك رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله". هذا الحديث يؤكد أن من يقول "لا إله إلا الله" بصدق وإخلاص، مبتغيًا بذلك وجه الله، فإن الله يحرم عليه النار.


 فضل التوحيد في تكفير الذنوب

التوحيد له فضل عظيم في تكفير الذنوب. التوحيد الصحيح يجلب مغفرة الله ورحمته، ويكفر الذنوب حتى ولو كانت عظيمة، إذا كان صاحبه مخلصًا في توحيده. ومع ذلك، يجب أن يكون هذا الإخلاص مصحوبًا بالعمل الصالح والابتعاد عن المعاصي. 

من شهد بالتوحيد وأخلص العبادة لله ولكنه أصر على السيئات، فهو تحت مشيئة الله. قد يعذبه الله بقدر ذنوبه، ثم يخرجه من النار ويدخله الجنة بشفاعة الأنبياء والصالحين، كما جاء في الحديث الصحيح. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" (رواه الترمذي وأحمد).


 أهمية التوحيد في حياة المسلم

التوحيد هو محور حياة المسلم، فهو ليس مجرد كلمات تقال، بل هو منهج حياة يتجسد في كل أفعال وأقوال المسلم. المسلم الموحد يعيش حياته ملتزمًا بتعاليم الله، مبتعدًا عن الشرك والمعاصي، ويسعى للتمسك بالإخلاص في كل عمل يقوم به.


 الدعوة إلى التوحيد

الدعوة إلى التوحيد هي مسؤولية كل مسلم، حيث يجب على المسلم أن يسعى لنشر التوحيد بين الناس بالحكمة والموعظة الحسنة. الله تعالى يقول: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" (النحل: 125). يجب أن يكون الداعي إلى الله قدوة حسنة في أخلاقه وسلوكه، وأن يستخدم أساليب الدعوة المناسبة التي تجذب الناس إلى الإسلام.


 خاتمة

فضل التوحيد عظيم، فهو الأساس الذي يقوم عليه الدين الإسلامي، وبه يتحقق الأمن والهداية في الدنيا والآخرة. التوحيد يكفر الذنوب ويقرب العبد من ربه، ويجب علينا أن نحرص على تحقيقه في حياتنا والدعوة إليه بكل صدق وإخلاص. نسأل الله أن يوفقنا لتحقيق التوحيد والإخلاص في أعمالنا، وأن يرزقنا الأمن والهداية في الدنيا والآخرة.

 

المرجع : شرح كتاب التوحيد للشيخ العلامة عبد الله بن عبد العزيز بن باز 

تعليقات