على من يجب الحج والعمرة ؟


الحج والعمرة من أبرز العبادات في الإسلام، ولكنهما ليستا مفروضتين على الجميع بل على من تتوفر فيه شروط معينة. إليكم الشروط التي يجب توافرها لشرعية الحج والعمرة:


1. الإسلام

يعتبر الإسلام شرطًا أساسيًا لوجوب الحج والعمرة، حيث لا تصح هذه العبادات إلا على المسلم. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ" [التوبة: 54]. وبالتالي، فإن الكافر لا يُؤمر بأداء الحج والعمرة، ولكنه يُعاقب على تركهما بعد دخوله في الإسلام.


2. الحرية

يجب أن يكون الشخص القادر على أداء الحج والعمرة حراً، دون قيود تجعله غير قادر على اتخاذ القرار بشكل مستقل. هذا الشرط يتضمن الحرية المالية والجسدية، حيث يجب أن يكون الشخص قادرًا على تحمل تكاليف الرحلة والإقامة وأن يكون قادرًا على السفر دون قيود قانونية أو اجتماعية تمنعه من أداء العبادة. العبد المملوك لا يجب عليه الحج لأنه لا يملك القدرة على التصرف في نفسه وماله، لكن إن حج وكان هناك رضى من سيده، فإن حجه صحيح ومقبول لكنه لا يغنيه عن حجة الإسلام إن أعتق.


3. البلوغ والعقل

يجب على الشخص المكلف أن يكون بالغًا وعاقلاً، حيث لا يُلزم الحج والعمرة على الصغار دون بلوغهم وعلى المجانين لعدم استيعابهم للعبادة وتحقيقها. البلوغ يحصل بواحدة من ثلاث أمور للذكور وأربعة للإناث، وهي: الحلم، أو الاحتلام، أو بلوغ خمس عشرة سنة، وللإناث إضافة إلى ما سبق حصول الحيض. يجب أن يكون الشخص قادرًا على فهم وتحقيق العبادات بعقله. الأطفال والمجانين لا يجب عليهم الحج، ولكن لو حجوا صح حجهم إن كان بموافقة وليهم، ولا يسقط ذلك عنهم حجة الإسلام إذا بلغوا أو شفيوا.


4. القدرة

يتعلق هذا الشرط بقدرة الشخص على أداء الحج والعمرة بنفسه، سواء بماله أو بجسده أو بكليهما. القدرة المالية تعني أن يكون للشخص مال يكفي لنفقاته ونفقات من يعولهم خلال فترة الحج، وكذلك المال اللازم للرحلة دون أن يؤثر ذلك على حاجاته الأساسية وحاجات أسرته. القدرة الجسدية تعني أن يكون الشخص صحيح الجسم، قادرًا على تحمل مشقة السفر وأداء مناسك الحج. قال الله تعالى: "وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" [الحج: 27].

إذا كان الشخص عاجزًا بماله وقادرًا بجسده أو العكس، فإنه يجب عليه أداء الحج والعمرة بالإنابة، أي أن ينيب شخصًا آخر لأداء العبادة نيابة عنه. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جاءت امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: نعم" (رواه البخاري ومسلم).


5. أمن الطريق


يجب أن يكون الطريق إلى الحج آمناً بحيث لا يتعرض الحاج لخطر كبير يهدد حياته أو ماله. إذا كانت هناك مخاطر كبيرة تمنع الشخص من السفر إلى مكة، فإن وجوب الحج يسقط حتى يصبح الطريق آمناً. 


تفصيل إضافي حول الشروط

1. الإسلام:

الحج عبادة عظيمة تتطلب إيماناً كاملاً بالله وبرسوله، ولذلك، فإن الإسلام شرط أساسي لأدائها. لا تُقبل من غير المسلم لأنها تعبدية وتتطلب نية صادقة وقلباً خاشعاً لله. الله سبحانه وتعالى قد أوضح أن الإنفاق والعبادات من الكافرين غير مقبولة.


2. الحرية:

الحرية هنا تتضمن أيضاً الحرية من الالتزامات الأخرى التي قد تعيق الشخص عن الحج، مثل القيود الاجتماعية أو القانونية. العبيد في العصور القديمة لم يكن لهم الحق في التصرف بأنفسهم، ولذلك كانوا معفيين من هذه الفريضة.


3. البلوغ والعقل:

الحج يتطلب القدرة على اتخاذ القرارات السليمة والفهم العميق للأحكام الشرعية المتعلقة بالمناسك. الأطفال والمجانين غير مكلفين لأنهم غير قادرين على تحقيق الهدف من الحج وهو العبادة الخالصة لله بالطريقة الصحيحة.


4. القدرة:

القدرة تشمل القدرة المالية والجسدية، ولكن أيضاً تشمل القدرة على الاستعداد النفسي والروحي لأداء فريضة الحج. يجب على المسلم أن يكون مستعداً لتحمل المشاق والتفرغ التام لعبادة الله خلال فترة الحج.


5. أمن الطريق:

الطريق إلى الحج يجب أن يكون آمناً، لأن سلامة الحاج من أولويات الشريعة الإسلامية. إذا كان هناك خطر حقيقي يمنع السفر، فإنه يعذر في تأجيل الحج حتى تتوفر الظروف المناسبة.


خاتمة

باختصار، يتوجب على الشخص الحر المسلم البالغ العاقل القادر أداء الحج والعمرة، ويجب توافر هذه الشروط لصحة العبادة وقبولها عند الله. تتضمن هذه الشروط الإسلام والحرية والبلوغ والعقل والقدرة، بالإضافة إلى أمن الطريق. توافر هذه الشروط يضمن أن يكون أداء الحج والعمرة متوافقاً مع تعاليم الشريعة الإسلامية، محققاً الغرض الروحي من هذه الفريضة العظيمة.


المرجع: فقه الحج والعمرة؛ أحكامها وفتاويها للدكتور أحمد مصطفى متولي 

تعليقات