فضل الصلاة: صلة بين الإنسان وربه


الصلاة تعتبر من الركائز الأساسية في جميع الملل، حيث قال الله تعالى في سورة آل عمران: "يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ" (آل عمران: 43). تأتي هذه الفريضة بأهميتها كوسيلة اتصال بين الإنسان وربه عز وجل.

الفرض الإلهي:

فرض الله سبحانه وتعالى الصلاة على هذه الأمة من خلال رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك في ليلة الإسراء والمعراج، حيث كرمها وجعلها وسيلة للاتصال المباشر مع الخالق.

ليلة الفضل:

تأمل في كيفية اختيار الله تلك الليلة لفرض الصلاة، مما يبرز أهميتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كانت ليلة أفضل من الليالي. وتعتبر ليلة الإسراء والمعراج حدثًا فريدًا في تاريخ الإسلام، حيث أسرى النبي صلى الله عليه وسلم بروحه وجسده من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، ثم صعد إلى السماء السابعة حيث التقى بالأنبياء وأدى المسلمين صلاة العشاء في السماء مع الأنبياء.

مكان الفضل:

الصلاة فرضت في أعلى مكان يمكن للإنسان الوصول إليه، مما يظهر أهمية هذه العبادة في التقرب إلى الله. وتعد صلاة الفجر، التي تؤدي في أول وقتها، من أفضل الصلوات وأعظمها فضلاً، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة عند الله صلاة الفجر في جماعة، ثم صلاة الظهر" (متفق عليه).

العدد والرحمة:

كانت الصلاة مفروضة خمسين مرة، ما يعكس رحمة الله واهتمامه بها، وعلى الرغم من خفض العدد، إلا أن أجرها بقي كبيرًا. وتعتبر الصلاة وسيلة لطلب المغفرة والرحمة من الله، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَرِقْعِ رَكْعَتَيْنِ مِنَ النَّوَافِلِ، ثُمَّ ليَسْأَلْ رَبَّهُ بِمَا شَاءَ يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْتَجًّا عَلَيْهِمْ.
ورُوي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قوله: "مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ" (متفق عليه)، فإذا صلى الإنسان الفجر والعشاء دخل الجنة بإذن الله. كما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" (متفق عليه). يتضح من هذا الحديث الشريف عظم فضل الصلاة وأن الله تعالى يحبها ويرضاها.

الصلاة تُعَبِّر عن العبودية والتذلل:

تعبر الصلاة عن التذلل والخضوع لله، وتوحيد للقلب والروح. ومن خلال الصلاة، يذكر المؤمن حاجته واعتماده الكامل على الله.

تحقيق السكينة والطمأنينة:

تجلب الصلاة السكينة والطمأنينة للقلب والنفس. إن الإنسان عندما يصلي، يشعر بالانتقال من هموم الدنيا إلى رحاب السكينة والطمأنينة التي تعطيه القوة والثقة في مواجهة التحديات.

تعزيز الروحانية والقرب من الله:

تعمل الصلاة على تعزيز الروحانية للإنسان وتقوية العلاقة بينه وبين الله. إنما يشعر المصلي بالانغماس في العبادة والاستقامة في الطاعة، مما يعزز من قربه من الله وتواصله معه.

تعزيز الأخلاق والقيم:

تؤثر الصلاة بشكل إيجابي على السلوك والأخلاق، فهي تعلم المصلي الصبر والتحمل والتواضع والتعاون، كما تدعو إلى التسامح والرحمة والإحسان إلى الآخرين.

تحفيز للتطوير الذاتي:

تعمل الصلاة على تحفيز المصلي للتطوير الذاتي والنمو الروحي، فهي تدعو إلى الاستماع للضمير ومراجعة النفس، وتشجع على البحث عن العلم والتعلم المستمر.

توازن الحياة:

تساعد الصلاة على تحقيق التوازن في الحياة بين الجانب الروحي والمادي، حيث تربط المصلي بالله وتعينه على التعامل مع مختلف جوانب الحياة بحكمة وتوجيه من الله.

الإسهام في بناء المجتمع:

تعمل الصلاة على تعزيز الروابط الاجتماعية وتعزيز العدل والسلام داخل المجتمع، إذ تحث على المحبة والتعاون وتشجع على تحقيق العدل والإحسان بين أفراد المجتمع.

ختامًا:

تظهر من هذا كله أهمية الصلاة في حياة المسلم، حيث تعتبر محورًا أساسيًا يربط بينه وبين ربه وتوجهه نحو الخير والتقوى. إن الصلاة ليست مجرد عبادة، بل هي نمط حياة يساعد على بناء الشخصية وتحقيق السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.

المراجع:
- القرآن الكريم.
- صحيح البخاري.
- صحيح مسلم.
-"فقه الصلاة" للشيخ محمد الشنقيطي

تعليقات